جريدة مصر الحرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحكمة الطولونية في مصر

اذهب الى الأسفل

الحكمة الطولونية في مصر Empty الحكمة الطولونية في مصر

مُساهمة  أشرف صال الثلاثاء ديسمبر 30, 2008 7:40 pm

جاء أحمد بن طولون إلى مصر واليا عليها في عهد الخليفة العباسي المعتمد بالله؛ يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر رمضان عام 254هـ (14 سبتمبر 868م)، وعين واليا على الشام بالإضافة إلى مصر بعد ذلك بخمسة أعوام.ثم أعلن دولة مستقلة، وتعاقبت أسرته على حكمها لثمانية وثلاثين عاما.
وكان كما وصفه المؤرخون حازما ونمت ثروة البلاد في عهده واستقرت أحوالها، وفي بداية عهده استطاع أحمد بن طولون التخلص من أحمد بن المدبر؛ جابي الضرائب للبلاط العباسي والذي تطلع إلى الاستئثار بمصر لنفسه. وحين وصل إلى مصر، وجد أن العاصمة العسكر غير كافية لبلاطه وجيشه، فأزال المقابر بين العسكر وجبل المقطم؛ وأقام "القطائع"، عاصمة جديدة ثم أسس بعد ذلك مسجدا جامعا. وكان ابن طولون أول حاكم لمصر في العصر الإسلامي يعلن استقلالها؛ فوضع بذلك نموذجا تبعه كثيرون ممن خلفوه، وقد اشتهر عصره بالنماء والاستقرار.

ورد في سيرة أحمد بن طولون لابن الدَّاية أنه ركب ذات يوم قاربه فاجتاز به شاطئ النيل فوجد شيخًا صيادًا عليه ثوب خلق لا يواريه، ومعه صبي في مثل حاله من العُرْي وقد رمى الشبكة في البحر.‏ فرثى لهما أحمد بن طولون، وقال لنسيم الخادم: ‏" ‏ يا نسيم، ادفع إلى هذا الصياد عشرين دينارًا". ‏ثم رجع ابن طولون عن الجهة التي كان قصدها واجتاز موضع الصياد (في رحلة العودة) فوجده ملقى على الأرض وقد فارق الدنيا والصبي يبكي ويصيح. فظن ابن طولون أن شخصًا قتله وأخذ الدنانير منه، فوقف بنفسه عليه وسأل الصبي عن خبره فقال الصبي: ‏"هذا الرجل ـ وأشار إلى نسيم الخادم ـ وضع في يد أبي شيئا ومضى، فلم يزل أبي يقلبه من يمينه إلى شماله ومن شماله إلى يمينه حتى سقط ميتًا".

‏فقال ابن طولون لغلمانه:" فتشوا الشيخ".‏ ففتشوه فوجدوا الدنانير معه، وأراد ابن طولون أن يعطي الدنانير إلي الصبي فأبى، وقال: "‏ أخاف أن تقتلني كما قتلت أبي".‏ فقال أحمد بن طولون لمن معه:" الحق معه، فالغِنَى يحتاج إلى تدريج وإلا قَتَل صاحبَه". أما عبد الله بن القاسم كاتب العباس بن أحمد بن طولون؛ فروى لنا أن احمد بن طولون بعث إليه ذات مرة بعد أن مضى من الـليل نصفه، فوافـيته وأنا منه خائـف مذعـور. ودخل الحاجب بين يدي وأنا في أثره، حتى أدخلـني إلى بيت مظلم، فقال لي: سلّم على الأمير! فسلّمت. فقال لي ابن طولون من داخل البـيت وهو في الظـلام: لأي شيء يصلح هذا البـيت؟ قـلت: لـلفـكر. قال: ولـم؟ قلت: لأنّه ليس فيه شيء يشغل الطرف بالنظر فيه.

قال: أحسنت!امض إلى ابني العباس، فقل له: يقول لك الأمير اغد علي.وامنعه من أن يأكل شيئا من الطعام إلى أن يجيئني فيأكل معي. فقلت: السمع و الطاعة. وانصرفت، وفعلت ما أمرني به، ومنـعته من أن يأكل شيئا. وكان العباس قليل الصبر على الجوع، فرام أن يأكل شيئا يسيرا قبل ذهابه إلى أبيه، فـمنعته. فركب إليه، وجلس بين يديه. وأطال ابن طولون عمدا،حـتى علم أن العباس قد اشتد جوعه وأحضرت مائدة ليس عليها إلّى البوارد من البقول المطبـوخة،فانهمك العباس في أكلها لشدة جوعه،حتى شبع من ذلك الطعام، وأبوه متوقـف عن الانبساط في الأكل.فلّما علم بأنّه قد امتلأ من ذلك الطعام،أمرهم بنقل المائدة وأحضر كل لون طيّب من الدجاج والبط والجدي والخروف فانبسط أبوه في جميع ذلك فأكل وأقبل يضع بين يدي ابنه منه،فلا يمكنه الأكل لشبعه. قال له أبوه: إنني أردت تأديبك في يومك هذا بما امتحنتك به. لا تلق بهمّتـك على صغار الأمور بأن تسهل على نفسك تناول يسيرها فيمنعك ذلك من كـبارها، ولا تشغل بما يقل قدره فلا يكون فيك فضل لما يعظم قدره.

تلك كانت لمحة من تاريخ ما أهمله التاريخ عن أحمد بن طولون (220-270هـ/ 835-883م)مؤسس الدولة الطولونية بمصر والشام.


كاتب المقال
أشرف صالح
رئيس تحرير دورية كان التاريخية
عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية
Anonymous
أشرف صال
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى