جريدة مصر الحرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هل جاء وقت محاسبة السلطة على الأخطاء المميتة؟

اذهب الى الأسفل

هل جاء وقت محاسبة السلطة على الأخطاء المميتة؟ Empty هل جاء وقت محاسبة السلطة على الأخطاء المميتة؟

مُساهمة  د.إبراهيمفؤادعباس الإثنين أكتوبر 12, 2009 4:10 pm

هل جاء وقت محاسبة السلطة على الأخطاء المميتة؟


إبراهيم عباس

في نقاشي مع أحد الإخوة الأفاضل الذين يتابعون باهتمام بالغ تطورات الحدث الفلسطيني أبدى هذا الأخ الصديق رأيه بأن طلب حماس من القاهرة تأجيل المصالحة التي كان من المقرر عقدها خلال الأيام القليلة المقبلة لم يكن قرارًا صائبًا مؤكدًا على أن اختلاف وجهات النظر بين السلطة وحماس في بعض القضايا لا ينبغي أن يعطل تلك الخطوة التي تأخرت كثيرًا عن سياقها الزمني حيث يمكن بعد إتمامها حل جميع القضايا المعلقة مثار الخلاف .

صديقي هذا ربما لم يكن يعلم أن الغضبة الشعبية الفلسطينية لم تكن بسبب التأجيل فقط وإنما أيضًا لأن التأجيل تم بإيعاز من إسرائيل التي قامت بابتزاز بعض قادة السلطة الذين هم أيضًا قادة فتح عندما هدد وزير خارجية إسرائيل أفيجدور ليبرمان بكشف النقاب عن دور قيادة السلطة في حرب غزة وضرورة استمرارها حتى يتم القضاء على حماس.

رأي صديقي هذا لا غبار عليه كونه ينشد المصالحة التي تشكل إحدى قيم الإسلام لقوله تعالى: "الصلح خير" ، لكن تجاوزات السلطة وإعراضها ليس فقط عن محاسبة المخطئين وإنما أيضًا مكافأتهم وضع علامة استفهام كبيرة حول قيادة السلطة: لماذا تغض قيادة رام الله نظرها عن تلك الأخطاء وتعرض عن مكافحة ومحاسبة المفسدين ؟ أو ليس ذلك مدعاة للقول إنها متورطة في تلك الأخطاء وطرفًا رئيسًا في مسلسل الفساد الذي لم يعد إخفاء مظاهره بعد أن أصبحت رائحته تزكم الأنوف؟

ثم أو ليس توفر أدلة دامغة على تورط بعض قادة السلطة – إلى جانب دورها المخزي في حرب غزة واستمرار الحصار- في قتل الرئيس ياسر عرفات كافيًا لوضع نهاية لهذه المهزلة التي لم يعد بالإمكان تجاهل تداعياتها فيما ألحقته من يأس وخيبة أمل في صفوف الشعب الفلسطيني الذي لم يعد يثق في قيادته ؟

الواقع إن الدافع الوحيد الذي جعلني أكتب هذا المقال تلك المرافعة الهزيلة التي قام بها طيب الذكر الطيب عبد الرحيم في إحدى الصحف العربية دفاعًا عن قرار السلطة تأجيل مناقشة تقرير جلادستون في مجلس حقوق الإنسان في جنيف ، فرغم اعتراف ممثل السلطة في الأمم المتحدة (خريشة) بالخطأ الذي تسبب في هياج الشعب الفلسطيني لا تزال أبواق السلطة تدافع عن أخطائها المميتة ، وهو ما يعني أنه يمكن من خلال أمراء البيان الفلسطيني تبرير أية أخطاء من هذا النوع أو أشد فتكًا مستقبلاً .

ذكرتني تلك المرافعة بمقالات الدكتور نبيل عمرو عندما كان المحامي المخول بالدفاع عن رئيس السلطة. ولست هنا بصدد القول إن عمرو يبدو أكثر براعة في القيام بهذه المهمة، فكلا الرجلين من فريق إذاعة صوت فلسطين (صوت منظمة التحرير الفلسطينية من القاهرة)التي أعطتنا هذه الشلة الرائعة من أمراء البيان الفلسطيني البديع! .

أعود وأكرر هنا انني لا أتحدث عن فساد السلطة وأخطائها المميتة في حق قطاع غزة وحماس التي هي جزء من الشعب الفلسطيني من فراغ ، وهو ما يتطلب محاسبتها ومحاكمة المسؤولين - ليس فقط عن (التأجيل) الذي لا يمكن اعتباره بأنه يخدم المصلحة الفلسطينية الوطنية كون التقرير يلقي في محصلته باللائمة على إسرائيل في تلك الحرب ، إلى جانب أن مناقشته التي كانت مقررة مطلع هذا الشهر كانت ستتيح إلقاء مندوبي العالمين العربي والإسلامي المزيد من الأضواء على الانتهاكات الإسرائيلية في تلك الحرب – وإنما أيضًا على كل مظاهر فساد السلطة التي لم يعد بالإمكان التستر عليها. وانني سعيًا وراء الحقيقة ومحاولة كشف غطائها ، ومنعًا للالتباس الذي يجعل البعض يصنفني بأنني حمساويًا – ذلك أن انتمائي الأول والأخير لوطني وقضيتي وقدسي ، وليس إلى هذا الفصيل أو ذاك – أعرض هنا بعض شهادات صادرة عن أطراف وجهات دولية تؤكد على غرق السلطة في الفساد والافتراء على حماس أعرضها موثقة على النحو الآتي:

* عزت افتتاحية الفاينشيال تايمز (ركام غزة) الخميس 22/1/2009 النصر الذي حققته حماس في انتخابات 2006 إلى عجز اتفاق أوسلو عن أن يؤدي إلى خلق دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 67 وفساد فتح وتدمير إسرائيل للسلطة الفلسطينية.

* في مقاله "خرافة العبقرية الإستراتيجية الإسرائيلية" التي نشرت في مجلة "فورين أفيرز" في يناير 2009 ذكر ستيفن وولت أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد أن فوز حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006 عكس شعبيتها المتزايدة في مواجهة فساد فتح واستمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية.

* سبق وأن أشرت في مقال سابق إلى تحقيق مجلة" فانيتي فير" الأمريكية أوائل مارس 2008م التي أعلنت فيه للعالم أنها حصلت على وثائق سرية مؤكدة من مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤولين فلسطينيين تكشف النقاب عن خطة سرية مصدَّقة من الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش) شخصياً سعت لتنفيذها وزيرة خارجيته (كوندوليزا رايس) ومستشار الأمن القومي (إليوت أبرامز) بهدف عمل انقلاب مسلَّح بقيادة فلسطينية من حركة فتح يترأسها (محمد دحلان) ودعمهم بالأسلحة برعاية ودعم أمريكي للقضاء على حماس التي تم انتخابها بشكل ديمقراطي وفقاً للمعايير الغربية!
وقد كشف التحقيق عن المؤامرة القذرة التي تعرضت لها حركة حماس، وكان واضحاً أنه رغم أن حماس شكلت الحكومة وَفْقاً لمعايير الديمقراطية وفي انتخابات واضحة وشفافة أمام العالم، إلا أن الإدارة الأمريكية المتعصبة وعلى رأسها (بوش) كانت في غمٍّ لا مثيل له وهي الإدارة التي صدعت العالم بالحديث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

* ذكر الصحفي الإسرائيلي نداف هعتيني في صحيفة "معاريف" الإسرائلية في عددها الصادر في 22/6/2007 في مقال له بعنوان "الفأر الذي زأر في غزة" أن الأمريكيين عززوا الشريك الأقرب دحلان منذ أن انضم أواخر 1993 إلى (الشاباك) والجيش الإسرائيلي .. ولسنوات طويلة مضت أقام الأمريكيون والإسرائيليون تصورًا كاملاً مع دحلان عندما اعتمدت خطة الجنرال الأمريكي "كيت دايتون" عليه كمت سيبني حرسًا رئاسيًا ويحطم حماس . وأشار الكاتب إلى أن واشنطن دعمت دحلان بنحو 100 مليون دولار في السنة الأخيرة فقط (2006/2007) حيث تم بناء مقر قيادته في غزة ، وقاموا بتدريب رجاله وزوده بقافلة من السيارات التي كانت تجوب شوارع غزة بسرعة ملفتة. وأشار الكاتب أيضًا إلى أن واشنطن قامت بنقل عشرات آلاف البنادق والرشاشات والمدرعات إلى من أسماهم "القوات الفولاذية" التي بناها دحلان . وأضافت الصحيفة أن الفلسطينيين يفضلون حماس كثيرًا لأنها "على الأقل غير غارقة في الفساد".

* كنت تعرضت في مقال سابق أيضًا إلى المقابلة التي أجراها المعلق البريطاني الشهير جيرمي باكسمان مع أحد قادة حماس (أحمد يوسف) والسفير الإسرائيلي في لندن ضمن برنامج "نيوز نايت"، تحديدًا سؤال باكسمان للسفير الإسرائيلي - الذي لا يمكن اعتباره حمساويًا بطبيعة الحال- مستنكرًا :كيف لدولة يعد جيشها الأقوى في المنطقة أن تواجه الشعب الأكثر فقرًا وضعفًا في العالم .. أين العدل في هكذا مقاربة؟
Is it fair that the strongest and most well equipped army in the region to stand against some of the most deprived people in the world?


* صدرت العديد من المقالات التي كتبها معلقون من إسرائيل والغرب كلها تحمل العنوان :"Talk with Hamas" ، منها مقال جريدة "التايمز" في 26/2/2009 بعنوان "تحقيق السلام غير ممكن بدون التحدث إلى حماس"الذي نص على أنه يتعذر التوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بدون حماس ، وأن عملية السلام تصبح بلا معنى عندما تتفاوض إسرائيل مع طرف فلسطيني وتسعى في ذات الوقت إلى تدمير الطرف الآخر. وأن حماس لا يمكن إزاحتها "شئنا أم أبينا". وأضافت الصحيفة أن استراتيجية إسرائيل للقضاء على حماس من خلال سياسة العزل والخنق الاقتصادي والقوة العسكرية ليست مؤثرة بما يتطلب من إسرائيل البحث عن إستراتيجية أخرى .

وذكر جدعون ليفي في مقال له بعنوان "تحدث مع حماس" نشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 22 ديسمبر 2008 والذي يطرح فيه بعض الأسئلة ويجاوب عليها : حماس لا تريد الاعتراف بإسرائيل ، ومن يعبأ بذلك؟ حماس حركة أصولية ؟ هذا لا يمت للموضوع بصلة . حماس ترفض الحوار ؟ دعونا نتحدى هذه الفرضية. الحوار المباشر من شأنه إضعاف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ؟ هو ضعيف على كل حال!.

* في مقال له بعنوان :"حرب أخرى، هزيمة أخرى" على موقع "أميركان كونسيرفاتيف" الالكتروني كتب جون ميرشماير أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو : "في يناير 2006 ، وبعد قرابة خمسة أشهر من سحب إسرائيل لمستوطنيها من قطاع غزة ، فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية التشريعية محققة فوزًا حاسمًا على فتح ، وهو ما أدى إلى متاعب في إستراتيجية إسرائيل لأن حماس التي لا توصف كفتح بالفساد والتي لا تقبل بوجود إسرائيل فازت في انتخابات ديمقراطية تم الإعداد لها بشكل جيد ، ووصلت الأمور إلى الأسوأ في مارس 2007 عندما اتفقت فتح وحماس على تشكيل حكومة وحدة وطنية .ففي الوقت الذي كانت تزداد فيه مكانة ونفوذ حماس السياسي في الوقت الذي بدأت فيه إستراتيجية إسرائيل "فرق تسد" تتداعى. وساءت الأمور عندما بدأت حكومة الوحدة الوطنية تعمل في اتجاه وقف طويل لإطلاق النار وفق صيغة تنص على وقف الفلسطينيين هجمات الصواريخ على إسرائيل في مقابل وقف إسرائيل اعتقال واغتيال الفلسطينيين وإنهاء الخنق الاقتصادي وفتح المعابر الحدودية في غزة. وجاء رد حماس بالاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل في الوقت الذي أكدت فيه على أنها لا تزال تبحث في مسألة الهدنة الطويلة . ولم يبد الإسرائيليون اهتمامهم بالهدنة الطويلة المدى ، وبدلاً من ذلك زادوا من ضغوطهم الاقتصادية على غزة . لكن في أواخر ربيع 2008 أرغم الضغط من قبل سكان إسرائيل في المناطق الجنوبية الحدودية الحكومة على الموافقة على هدنة مدتها ستة أشهر بدءً من 19 يونيو . وكان هذا الاتفاق الذي انتهى في 19 ديسمبر بمثابة البداية للحرب التي اندلعت قس 27 ديسمبر . وألقى المسؤولون الإسرائيليون باللائمة على حماس لتخريبها وقف إطلاق النار ، وهو الرأي الذي لقي قبولاً من الولايات المتحدة رغم أنه لم يكن صحيحًا . فالقادة الإسرائيليون لم يرق لهم وقف إطلاق النار منذ البداية ، وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمره للجيش لبدء الاستعداد للحرب على غزة في نفس الوقت الذي كانت تجري فيه المفاوضات في يونيو لتجديد الهدنة. ليس ذلك فحسب ، بل إن سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة دان جيلرمان ذكر أن (القدس) بدأت في إعداد حملة دعائية لتسويق حرب غزة قبل عدة أشهر من بدء تلك الحرب . رغم التزام حماس بوقف إطلاق النار خلال فترة الهدنة.

بالطبع هنالك المزيد من الأدلة والشهادات الغربية والإسرائيلية التي تقر بفساد السلطة وتواطئها مع واشنطن وتل أبيب في الحرب على غزة والتي كان أحدثها الشريط الذي عرضته "معاريف" الأسبوع الماضي الذي تبتز فيه عباس .

السؤال الصعب الذي يحتاج إلى إجابة ملحة في ظل هذه التداعيات : هل حان وقت المحاسبة، وما الذي يمنع من محاسبة رئيس السلطة نفسه طالما أن ذلك يحدث في إسرائيل التي استدعي رئيس وزرائها السابق إيهود أولمرت عدة مرات للتحقيق معه من قبل الشرطة خلال المفاوضات الحميمة التي تخللها تقديم أبو مازن علبة بقلاوة فاخرة له عربون للمحبة والصداقة ؟

هنالك بلا شك خطايا ارتكبها مسؤولي السلطة وأبسطها اكتشاف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فجأة أن أكثر من 15 عامًا من المفاوضات مع إسرائيل لم تسفر عن شيء يذكر وإصراره على أنه لا يمكن استئناف المفاوضات معها إلا بعد وقف كامل للاستيطان وهو ما يطرح السؤال : لماذا أحجمت السلطة عن اتخاذ مثل هذا الموقف (الحاسم) الذي لا يمكن المراهنة على استمراره منذ أوسلو ، وهي الفترة التي تضاعف فيها الاستيطان في القدس والضفة الغربية إلى مستويات غير مسبوقة، وهل يتعذر على السلطة إيجاد شخص آخر غير عريقات في إمكانه إدارة المفاوضات بشكل أفضل وأجدى أم أن عريقات "حاديو باديو المفاوض ده ما فيش زيو؟"!.

د.إبراهيمفؤادعباس
مشرف المنتدى الثقافي
مشرف المنتدى الثقافي

عدد الرسائل : 1
العمر : 77
العمل/الترفيه : باحث وكاتب صحفي
تاريخ التسجيل : 12/10/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى